نصائح لكتابة رواية مشوقة – الجزء الثالث

حسن محمد


أعلم صعوبة أن تقضي عدة ساعات منعزلاً في غرفة مغلقة، أعلم ثقل أن تكتب شيئاً لا تعرف عواقبه. كتابة الرواية ليس عملاً سهلاً وبخاصة إذا كنت موظفاً أو كنت رباً لأسرة لكنك بالرغم من كل ذلك تستطيع أن تفعلها. معظم الكُتاب يحيون حياتين أثناء الكتابة، الحياة الفعلية والحياة الخيالية التي يعيشونها في روايتهم. لكن بمجرد بيعك لروايتك الأولى، ستترك عملك وستتفرغ للكتابة تماماً.

عزيزي القارئ: هذه المقالة جزء من سلسلة دروس متعلقة بفن كتابة الرواية، يفضل أن تتابع هذه الحلقات بالترتيب من البداية إلى النهاية، لذا الرجاء التوجه إلى الجزء السابق من هذه الدروس (إن لم تكن قد اطلعت عليه بعد) بالضغط هنا وبعد الانتهاء ستجد رابط في نهاية المقال يؤدي بك إلى الجزء الذي يليه.

كيف تكتب رواية مشوقة؟

اليوم 20

صوتك هو صوتك، وأسلوبك هو أسلوبك؛ لا تحاول تقليد أي كاتب ذائع الصيت، وفي نفس الوقت لا تحاول أن تفتعل التميز فيخرج عملك صنماً بلا روح.

كي تحقق التميز عليك أن تدرك بأن روحك في الكتابة يجب أن تعكس روحك في الحياة الواقعية، قد تكون متكلفاً وقد تكون بسيطاً وسواء أكنت هذا أم ذاك، المهم أن تكون طبيعياً وواقعياً، والأهم أن تدحض كل المبالغات التي تحاول التسلل ببطء إلى كتاباتك.

وفي هذا الشأن قال أحد الكتاب الفرنسيين:

الكاتب الحقيقي ليس الشخص الذي لا يقلد الآخرين بل هو الشخص الذي لا يستطيع الآخرون تقليده

اليوم 21

قم بإعداد مخطط تفصيلي لأحداث الرواية ابتدئاً من الفصل الأول وحتى نهاية الرواية. في هذا الإطار تقول الروائية كاترين آن بورتر:

إذا لم أعرف نهاية قصتي، فلا أتمكن أبدأ من كتابة بدايتها

أكتب الفقرة الأخيرة من روايتك وضعها في درج مكتبك، وفي نهاية المائة يوم وبعد الانتهاء من كتابة كامل روايتك قارن بين النهاية التي وصلت لها والنهاية التي كنت تتوقعها ودعنا نرى مدى مطابقة خيالك لما خطط له سلفاً.

أقرأ أيضاً:

اليوم 22

أكتب كل شيء عن قصتك في المخطط الذي تحدثنا عنه في اليوم السابق، لا تكن أسيراً للمقولة القديمة لأحد الروائيين والتي جاء فيها:

 أكتفي بكتابة الفكرة الرئيسية لروايتي وزوج من الشخصيات المحورية، بعد ذلك لا أعرف إلا أين أنا ذاهب، لكني أدع شخصياتي تقودني رغم عني للأمام فتحبك الحبكة نيابة عني وتسرد تفاصيلها بدلاً مني

المقولة السابقة تعمل فقط مع الروائيين المحترفين أما المبتدئين فهي أشبه بسراب بقيع يحسبه الظمآن ماء، فالروائي المبتدئ يجب أن يحدد معالم طريقه من البداية وإلا تاه هو وقرائه في مناقب سمرقند.

اليوم 23

ضع البطاقات والمخطط التفصيلي بالقرب من مكتبك، حتى تتمكن من الرجوع إليها في أي وقت.

الأيام 24، اليوم 25

حتى يومنا هذا، قمنا بما يلي:

  1. تعهد وإلتزام
  2. جدول عمل
  3. فكرة القصة
  4. مجموعة من الشخصيات
  5. حبكة تفصيلية للقصة ككل
  6. وصف مختصر عما تدور حوله الرواية.

اليوم 26

ضع هدف لنفسك، مثلاً أن ستكتب على الأقل 4 صفحات في اليوم بمعدل 300 إلى 325 كلمة يومياً. في يوم ستكتب صفحة واحدة وفي يوم آخر ستكتب خمسة عشر صفحة وذلك على حسب حالتك المزاجية. المهم أن تصل إلى متوسط يقدر بأربع صفحات يومياً.

اليوم 27

جميعنا يتفق أن الرواية ضرب من ضروب الخيال، لكن هذا لا يعني أبداً أن ما تكتبه فيها من حقائق يجب أن يكون محرف أو ملتوي. الشيء الوحيد الذي يجعل الجمهور يضجر من العمل الروائي هو الحقائق المغلوطة وبالمقابل الحقائق والتفاصيل الموثقة والموثوقة هي التي تنعم على العمل الأدبية بالمصداقية والجاذبية.

استخدم الإنترنت للحصول على الوثائق والمعلومات اللازمة لروايتك فهو سريع، سهل، وليس مكلف فكل مكتبات العالم بين يديك أيضاً المجلات والجرائد القديمة والمخطوطات التي تحوي أخبار ومعلومات عن مكان وزمان قصتك متوفرة ويمكنك الحصول عليها بكبسة زر.

الكاتب جور فيدال استخدم طبعة قديمة من مجلة ” هاربر” للحصول على تفاصيل ومعلومات حول رواياته التاريخية.

كذلك المؤرخين لم يلاحظوا أبداً أي خطأ تاريخي في رائعة الكاتب الكبير جمال الغيطاني ” الزيني بركات” حتى موكب الوالي الذي يمر من منطقة إلى منطقة أخرى داخل القاهرة كان متقن تاريخياً أشد إتقان فإنك لا تجد منطقة تسبق منطقة ولا اسم شارع يمر به الموكب لم يكن موجوداً في الحقيقة. نعم يمكنك أن تتخيل وتتصور لكن أبداً لا تحرف ما هو معلوم من التاريخ بالضرورة.

اليوم 28

الحوار ما هو إلا حديث بين اثنين؛ الهدف منه هو دفع الرواية للأمام، ومن أهدافه أيضاً أن يجعل القارئ ينسجم مع الرواية ويعيش بين سطورها. ولكي يؤدي الحوار دوره الأساسي، عليك ألا تكتب أو تصف أحداث ثانوية ليس لها قيمة، اجعل قارئك في منتصف الحدث بذلك سيخرج الحوار جذاب وطبيعي. أبطالك يجب أن يتحدثون بصورة كافية تماماً كما يجري في الواقع وعليك دائماً أن تجعل القارئ يفهم بسهولة من الذي يتحدث ولمن.

اليوم 29

أنظر إلى المرآة، قم بوصف الشخص الذي تراه أمامك بحيث لا يتجاوز هذا الوصف 300 كلمة، بعد ذلك اجعل هذا الشخص ضمن شخصيات روايتك، اجعله بطلاً للرواية أو راوياً لها أو حتى شخصية ثانوية فيها.

اليوم 30

الروائي كورت فونيجت يقول:

الموهبة شيء متوفر بكثرة لكن الشيء النادر هو الإرادة على تحمل حياة كحياة الكاتب

اليوم 31

أجعل لنفسك وجهة نظر من البداية، وذلك لتمكن القارئ من العثور على موطئاً لقدمه في روايتك، اختر الشخصية الروائية التي تعبر عن وجهة نظرك تجاه موقف معين، وفي حالة تعدد وجهات نظرك، عليك أن تنقلها بشكل طبيعي على ألسنة أبطالك ومن خلال سلوكهم، لا تذكر أكثر من رأي في الفصل الواحد، اذكر وجهات نظرك بتأني وبشكل سلسل خلل تطور أحداث الرواية، ولا تحيد عن أرائك وتذكر عكسها بعد ذلك حتى لا تصيب القارئ بفقدان الثقة فيك وفي روايتك.

اليوم 32

أحمل معك دائماً دفتر ملاحظات وقلم، ولكما تذكرت شيء دونه في الحال، أكتب في السيارة، أكتب وأنت في القطار، أكتب وأنت تتناول الغذاء، أكتب في أي وقت فإنك لا تعرف متى وأين سيهطل الغيث.

اليوم 33

إذا اعتبرنا كتابة الرواية بناء ضخم، فالتشويق هو أهم عمود في أعمدته، اجعل القراء يسألون أنفسهم دائماً “ما الذي سيحدث بعد ذلك؟” وبذلك يتابعون القراءة حتى يكتشفوا بأنفسهم ما أخفي عنهم.

اليوم 34

حينما يقوم أحد شخصياتك الروائية بإعلان خبر ما أو تقديم معلومة ما، لا تنسى لغة جسده، ففي أحياناً كثيرة تكون الإيماءات الجسدية ذات مفعول بالغ في الاتصال بين الناس أكثر من مفعول الكلمات. ولكي تصدق ذلك اسأل أي عاشقين.

اليوم 35

حاول أن تكتب أولاً على الورق، بعد ذلك أستخدم الكومبيوتر. فذلك سوف يعطيك إمكانية المراجعة قبل البدء في عملية التدقيق.

اليوم 36  

حاول أن تستخدم بعض الصور الجمالية في كل صفحة، على سبيل المثال ما ذكره الكاتب الكبير نجيب محفوظ في رواية كفاح طيبة:

انقشعت سحب الظلام عن زرقة الفجر الناعسة، فتبدت صفحة النيل تتنفس نسائم الغسق، تنحدر عليها قافلة من السفن تولي وجهها شطر حدود مصر شمالاً.

اليوم 37

لا تفرط في الكتابة لكون التكنولوجيا توفر لك ذلك، الآلات من كمبيوتر وإنترنت تجعل كل شيء سهل بداية من كتابة الأبحاث وحتى كتابة الرواية. أمنح نفسك وقت كاف للتفكير والتفكر، كلنا نعرف أن الأفلام ومباريات كرة القدم طويلة، لكن ماذا عن الكتب؟ سيخبرك الناشرون أن السياق يحدد طول العمل. واختصارا للقول أذكرك بأن رواية قنديل أم هاشم للكاتب الكبير يحيى حقي لا تتجاوز 90 صفحة.

اليوم 38

بدون وصف لا يملك القراء الإحساس بالمكان والزمان والحالة النفسية. لكن ما نريده هنا هو الوصف الهادف، وصف بلا إسهاب، فهناك وصف قد يؤدي بعملك إلى الهاوية، ادخل في الوصف وأخرج منه بسلام، أعطي وصفاً يعطي دلالة ما. أجعلك عالمك الخيالي عالم يصلح للعيش فيه، لا عالم مليء بالملل والخمول.

اليوم 39

الأفكار الجديدة والفريدة من نوعها هي التي تسحر الجمهور، ابتعد عن الأفكار المجربة والواقعية قدر الإمكان. أكتب مستخدماً الخيال.

لنشر روايتك على أمازون كيندل وسماش ووردز، تفضل بالاطلاع على خدامتنا في هذا الشأن من هنا

<< الجزء السابقالجزء التالي >>

المصادر:

تم الاستعانة في كتابة محتوى هذا المقال بالعديد من المصادر على رأسها كتاب: how to write a novel in 100 days لجون كوين، بالإضافة إلى العديد من المقالات الصحفية واللقاءة التليفزيونية المسجلة مع كبار الكتاب في الوطن العربي.

حسن محمد

معلومات عن الكاتب

مترجم فوري، عمل لدى العديد من كبرى الشركات والمنظمات العالمية من أهمها شركة تيتان الأمريكية، بي سي آي اليابانية وشركة قطر للبترول القطرية، شرع في التدوين في عام 2008 كهواية ومع مرور الوقت اكتسب خبرة في مجال التسويق بالمحتوى والكتابة التسويقية copywriting ومن ثم تحولت الهواية إلى مهنة مستقلة تهدف إلى تقديم الجودة والاحترافية في مجال التسويق الالكتروني وبخاصة في مجالي التسويق بالمحتوى والكتابة التسويقية، يعمل معه الآن فريق عمل محترف من المترجمين والمسوقين الإلكترونيين.

هذه المواضيع قد تهمك أيضاً:

  • شكرا للمجهود
    وعلى مشاركتنا هذا العمل المميز

  • عزيزتي إيمان
    شكراً على تعليقك الطيب ويشرفني مرورك, وعندي سؤال: ما الذي استفدتيه من الموضوع؟ وما هي النقاط التي تأخذيها عليه سواء في الترجمة أو في العرض؟
    تحياتي

  • كم اصبحت افضل اﻻن .. شكرا لك ايها اامترجم وجزاك الله خيرا

  • {"email":"Email address invalid","url":"Website address invalid","required":"Required field missing"}

    كيف تنشر كتابك بنفسك؟ اطلع على تفاصيل كورس ناشر

    >